المؤتمر التاسع لتاريخ الطب: الأوقاف و الرعاية الصحية في التجربة المغربية والتجارب المقارنة
24-25 نونبر 2021 | لقد شكل نظام الوقف في تاريخ المسلمين القديم والحديث خير تعبير عن روح التضامن والتكافل والتراحم التي ينبغي أن تهيمن على علاقة المؤمنين فيما بينهم، وظهرت نتائج ذلك في أنواع شتى وضروب مختلفة من المصارف التي مولت كليا من الوقف أو أسهم في تمويلها، حتى استوعبت المصارف الوقفية كل احتياجات المجتمع، وأصبحت معلما بارزا، ومظهرا رائعا على عظمة هذا النظام.
وقد غدا الوقف اليوم حاجة ماسة وملحة، إن لم نقل إنه أصبح ضرورة واقعية، بالنظر إلى ما أفرزته عولمة قيم اقتصاد السوق من تضخم الأنانية، وسيطرة النزعة الفردية، وهيمنة ثقافة الاستهلاك والاستثمار المادي بحثا عن الربح الدنيوي؛ وذلك على حساب ثقافة التبرع والتبرر النابعة من الاهتمام بالآخر، والإحساس بمستلزمات العيش المشترك، والوفاء بمتطلبات الانتماء إلى المجتمع. وقد زاد من تفاقم هذا الوضع أنواع الجوائح والأزمات التي أصبحت سمة بارزة في واقعنا المعاصر.
ولئن كانت مختلف البلدان الإسلامية قد عرفت الوقف، واستفادت من عطائه على تفاوت بينها، تماما مثلما استفادت منه دول غير إسلامية بنفس المضمون تقريبا، وإن بأسماء أخرى، فإن التجربة المغربية تميزت بتبوإ الوقف مكانة مهمة في الحياة اليومية للمغاربة في مختلف مناحيها، حتى غدا جزءا لا يتجزأ من هذه الحياة.
واليوم، وأمام ما أظهرته جائحة كورونا من حاجة ملحة لتعبئة مختلف الموارد المالية الممكنة قصد الاستجابة للطلبات الملحة على الخدمات الطبية، وتغطية الحاجات الصحية المتزايدة، فإن الوقف مدعو أكثر من أي وقت مضى إلى أن يسهم بحظ وافر في تلبية هذه الطلبات وتغطية تلك الحاجات، وذلك بالاستفادة مما تراكم عبر التاريخ، وبشحذ الهمم وتحفيز الطاقات وتشجيع الإرادات الخيرة على الاضطلاع بما هو منوط بها، تقربا إلى الله تعالى أولا، وضمانا لاستدامة العطاء ثانيا.
في هذا الصدد، يأتي اختيار لجنة التراث بكلية الطب والصيدلة بفاس بالمملكة المغربية أن تكون النسخة التاسعة من المؤتمر الدولي الذي دأبت على تنظيمه سنوي حول تاريخ الطب. ليكون هذه السنة تحت عنوان: «الأوقاف الصحية بالتجربة المغربية والتجارب المقارنة»، وذلك يومي 24 و25 نوفمبر 2021م.
وسيحاضر في هذا المؤتمر ثلة من العلماء والمفكرين من داخل المغرب ومن خارجه، والذين أبانوا عن علو كعبهم في هذا المجال، ليتم تبادل التجارب وتلاقح الأفكار بغية الوصول إلى أفضل الحلول وأحسن الاقتراحات، والتي لا نشك في أنها -بإذن الله تعالى- ستجد صداها لدى المسؤولين عن الأوقاف بمختلف الدول، من أجل ترجمتها على أرض الواقع.